Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Mustapha EL MNASFI /مصطفى المناصفي
Mustapha EL MNASFI /مصطفى المناصفي
Publicité

MUSTAPHA EL MNASFI
مصطفى المناصفي 
Enseignant-chercheur à l'Université Moulay Ismaïl de Meknès (Maroc)



154-newsletter

للتوصل بأخر المقالات المنشورة في المدونة
يمكن لكم الإشتراك في الرسالة البريدية
Pour être tenu informé de chaque nouvelle
publication, abonnez-vous à la :

Newsletter
Archives
20 juillet 2016

الشباب والمشاركة

نص المداخلة التي قدمها السيد مصطفى المناصفي خلال ندوة حول "دور الشباب في التنمية المحلية"، نظمها منتدى الشباب والتنمية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء.

 

الشباب والمشاركة

 

تهدف هذه المداخلة إلى معرفة أثر مشاركة الشباب وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالشباب على صناعة القرار العمومي و أثرها على خلق نوع من التحول في العلاقة بين المواطن الجمعوي و ممثلي السلطات العمومية.

كما يعلم الجميع لعبت فئة الشباب دورا كبيرا في الفضاء العام خلال الخمس السنوات الأخيرة، انطلق ذلك بالتعبئة والحراك اللذان قاما بهما شباب حركة 20 فبراير سنة 2011، تم المظاهرات التي جاءت كردة فعل عن العفو عن "كالفان"، مرورا بالمطالب الفئوية للشباب خصوصا الأطباء والممرضين، وانتهاء بقضية الأساتذة المتدربين.

إلا أن السؤال الذي يمكن تقديمه ارتباطا بما سبق هو كالأتي: هل كل هذه الأحداث وتواجد فئة الشباب بالفضاء العام يعكس درجة تسييس الشباب المغربي؟ بمعنى أخر هل الشباب المغربي مسيس ويشارك في تدبير الشأن العام؟

بينت الانتخابات الجماعية التي نظمت شهر شتنبر 2015 أن الشباب المغربي لا يشارك في الانتخابات، وفئة كبيرة غير مسجلة في اللوائح الانتخابية. والملاحظ أيضا أنه أتناء الحملة الانتخابية شارك العديد من الشباب في تأطيرها، وفي الوقت نفسه عرفت نفس الانتخابات عزوف الشباب عن التصويت، مما يفسر أن المشاركة في الحملة كان هدفها اقتصادي أكثر من مسألة اقتناع ببرامج الأحزاب. لهذا يحق لنا تقديم تساؤل أخر: لماذا لا يشارك الشباب في الحياة السياسية ببلادنا؟

الجواب وبكل بساطة مرتبط بغياب الثقة في المؤسسات السياسية وخصوصا على المستوى المحلي. بمعنى توجد علاقة تباعد بين المواطن الشاب وممثليه على مستوى الجماعات الترابية.  

 

كما يعلم الجميع وفي سياق ما سمي "بالربيع العربي" تبنى المغرب مفهوم "الديمقراطية التشاركية" في دستور 2011 بعد أن قدمت مجموعة من الأحزاب السياسية و الجمعيات المدنية مذكرات وتوصيات إلى أللجنة التي كلفت بمراجعة الدستور تُلح على ضرورة دسترة هذا المفهوم. كما منح الفصل 33 من الدستور الفرصة لفئة الشباب من أجل المشاركة في التنمية. إذ ينص هذا الفصل عل ما يلي:

"على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي:

-  توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد..." 

      

بعد هذه الدسترة، تزايدت النداءات الرامية إلى ضرورة فتح مجال أوسع أمام مكونات المجتمع المدني، خصوصا الجمعيات المهتمة بفئة الشباب، من أجل المشاركة في صياغة القرار العمومي. ويبقى التساؤل مرتبطا بالكيفية التي ستتم من خلالها هذه المشاركة. مما يدفعنا إلى طرح السؤال المحوري التالي: أيُّ دورٍ لمشاركة الشباب في صياغة السياسات العمومية، خصوصا السياسات المحلية؟

 

من أجل تبيان ذلك، سأعالج في المحور الأول من هذه المداخلة الدور الذي يمكن أن تلعبه مشاركة فئة الشباب في تحسين العلاقة بين الفاعل العمومي والفاعل المدني، تم سأتحدث في المحور الثاني عن أنواع المشاركة المواطنة، وكيف بينت الممارسة أن هذه الأخيرة لا تتجاوز مشاركة شكلية لم تصل إلى مستوى المشاركة الفعلية.

 

يعتبر تبني المغرب لمفهوم الديمقراطية التشاركية في دستور 2011 مؤشراً على اعتراف السلطات بأهمية إشراك المواطنين في تدبير المشاريع التي تهمهم. هذا الوضع قد يدفع بممثلي السلطات العمومية، كالقائد و رئيس المصلحة الاجتماعية بالعمالة وكذا المنتخبين، إلى التكيف مع واقع جديد، يرتكز على ضرورة التواصل و الجلوس مع المواطن، خصوصا الجمعوي وبدرجة أخص فئة الشباب، من أجل التفكير جماعيا، في إنشاء مشاريع محلية تنموية. إذن، أضحى الفاعلُ العمومي، مدعوًا إلى عدم تجاهل الخبرة التي تتوفر لدى المواطن العادي.

يمكن القول إذن، إن المشاركة المواطنة بصفة عامة، ومشاركة فئة الشباب بصفة خاصة ترغم رجال السلطة، على ضرورة الإنصات و التعامل الإيجابي مع الفاعلين المدنيين، خصوصا الجمعوييين.

         إلا أن ذلك يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي: هل المشاركة المواطنة على المستوى الميداني هي مشاركة فعلية أم شكلية فقط؟ و هذا يجرنا إلى المحو الثاني من هذه المداخلة. 

من خلال هذا التساؤل، يمكن طرح مجموعة من الأسئلة الفرعية لها ارتباط وثيق بدرجة مشاركة المواطنين في تدبير الشأن المحلي: إذا كانت مشاركة المجتمع المدني (جمعيات، سكان...) في تدبير الشأن المحلي هي أساس الديمقراطية التشاركية، فكيف تتم هذه المشاركة؟ هل يكفي فقط القيام باستشارات كبرى مع فئة الشباب أو المواطنين بصفة عامة قبل صياغة القرارات للقول بأن الديمقراطية التشاركية تحققت؟ نفس التساؤل يهم الاجتماعات الدورية مع السكان ومع ممثليهم المدنيين. وعلى فرض أن هناك فعلا استشارات واجتماعات تنظم مع فئة الشباب بصفة منتظمة ودورية، هل مطالب هؤلاء تُأخذ بعين الاعتبار؟ وكيف يَنظر ممثلو المواطنون الذين اختيروا عن طريق الاقتراع العام المباشر إلى مطالب الشباب و الجمعيات المدنية خلال الاستشارات والاجتماعات التي تُنظم معهم؟ ألا يتخوفون من تنامي المطالب المنادية بضرورة توسيع مشاركة الشباب في تدبير الشأن العام المحلي؟ باعتبار أن ذلك يمثل تهديدا لمواقعهم.

إن الإجابة عن هذه الأسئلة تختلف باختلاف مستوى تطبيق آليات الديمقراطية بالبلد ؛ كما أن الإجابة عن ذلك بالنسبة للباحث- كما هو معلوم لا تكون إلا بعد القيام ببحث ميداني (الملاحظة التشاركية والمقابلة غير الموجهة –entretien semi-directif −) حتى تعطى قيمة علمية لتلك الإجابات.

إلا أن ذلك، لن يمنع من القول، اعتمادا على بعض الدراسات التي أنجزت، إن درجة مشاركة الشباب والجمعيات في تدبير الشأن المحلي تبقى إما مشاركة شكلية أثناء صياغة السياسات أو مشاركة تقتصر فقط على مساعدة السلطات في تنفيذ البرامج.

ونقدم كنموذج للمشاركة الشكلية، الاستشارات التي تنظم في إطار برامج "سياسة المدينة" بفرنسا، إذ يشارك السكان المستهدفون في اجتماعات واستشارات تخص برامج تنموية على المستوى الحضري و تأخذ لهم صور فوتوغرافية مع المسئولين السياسيين لنشرها في "مجلة المدينة" (هذه الأخيرة تَصدر بدعم من مجلس المدينة) وذلك لإظهار أن استشارات فعلية نظمت مع السكان قبل البدء في انجاز المشاريع ؛ إلا أن طريقة تدبير تلك الاستشارات توضح عكس ذلك. ففي أغلب الاستشارات الكبرى لا تُأخذ مطالب المواطنين مأخذ الجِدّ، ورأيهم في المشاريع التنموية التي تعنيهم يهمش، وتبقى سلطتهم في اتخاذ القرار ضعيفة[1].

وفيما يخص النوع الثاني من المشاركة -المشاركة في التنفيذ-، نقدم نموذج البرامج التنموية بالدول السائرة في طريق النمو إذ يساهم المجتمع المدني، من خلال الجمعيات التي تمثل السكان، في تفعيل الخطوط العريضة للبرامج على المستوى الميداني دون أن  يشارك أو على الأقل أن يُستشار في مسلسل صياغتها ؛ كمثال على ذلك ؛ برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المغرب،  حيث إن فكرة و فلسفة هذه الأخيرة لم يشارك في صياغتهما المواطن المستهدَف، غير أن هذا الأخير تُوجه له الدعوة من أجل الإسهام في تنفيذ المشاريع التي تدخل في إطار برامج المبادرة.

ومن خلال النموذجين السالفين الذكر، يتضح أن مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار العمومي قد تكون أثناء صياغة القرار أو عند تنفيذ هذا الأخير. إلا أن التفعيل الحقيقي للمشاركة المواطنة رهين، في نظرنا، بضرورة إشراك المواطن المستهدف بالسياسات العمومية أثناء الصياغة و التنفيذ معا، شريطة أن توضع آليات تشاركية فعالة تُمنح من خلالها للمواطن بصفة عامة، ولفئة الشباب خاصة مشاركة عملية وليست شكلية في صياغة وتنفيذ البرامج العمومية.

و يمكن القول، إن المجتمع المدني بالدول المتقدمة (فرنسا مثلا) يشارك في تدبير الشأن العام المحلي، إلا أن تلك المشاركة تبقى محدودة، و هذا راجع إلى تخوف المنتخبين من تراجع دورهم في الحكم المحلي. أما بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو، فمشاركة المجتمع المدني تتحقق في مرحلة تنفيذ البرامج، فيما يهمش هذا الأخير أثناء مرحلة الصياغة ، مما يدل على أن التخوف من المجتمع المدني لازال قائما بهذه الدول، رغم أن التجارب أثبتت أن الثقة بين الدولة و هذا الأخير تعد مسألة حاسمة في تحقيق التنمية المنشودة.

 ومن جهة أخرى، يعتبر القاسم المشترك بين الدول المتقدمة و نظيرتها النامية، من خلال مشاركة المجتمع المدني في تدبير الشأن العام المحلي، هو "الخطوط الحمراء" القائمة بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، إذ التخوف نابع من التأثير الذي قد تلعبه هذه الأخيرة على مستقبل الأولى.

         وفي الختام، يمكن القول إن تبني "الديمراطية التشاركية" ليس كافيا من أجل إشراك المواطن وبدرجة أخص فئة الشباب في صناعة القار العمومي، ولكن الأهم هو الطريقة أو الصيغة التي ستشارك بها هذه الفئة في تدبير الشأن العام المحلي. وبذلك فالرهان الأساسي هو وضع آليات ووسائل على المستوى المحلي  تمكن من إشراك الشباب في تدبير الشأن العام وصياغة السياسات العمومية بصفة فعلية وليس فقط بصفة شكلية.



 

 

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité